- مريم البتولعضو مميز جدا
- بلدي :
عدد الرسائل : 345
الاقامة : الجزائر
المهنة / : استاذة في التعليم الثانوي......
مستوى العضو التعليمي / المؤهل التعليمي : خريجة جامعة( حاملة لشهادة الليسانس تخصص أدب عربي )
السٌّمعَة : 0
نقاط : 12413
تاريخ التسجيل : 02/03/2008
عجائب غزة السبع....
الأربعاء 4 فبراير - 10:35
عجائب غزة السبع
تعارف البشر منذ عشرات السنين
على ما يسمى بعجائب الدنيا السبع، وهي أماكن بلغت القمة في الإبداع
الإنساني عبر التاريخ، وبعضها ما زال باقيا كشاهد حي على عبقرية وسمو
العقل البشري الذي خلقه الله فأبدعه وصوره، لكن الناظر إلى أرض غزة
المباركة بعين البصر والبصيرة سرعان ما يكتشف أنها حققت المدهش والعجيب
الذي سيتوقف التاريخ أمامه مبهورا بروعة الإنجاز وعبقرية الفعل.
ويمكن إجمال ذلك في عجائب سبع تفرد بها قطاع غزة:
أولها:
أن حكومة غزة -ربما- هي الحكومة الوحيدة في التاريخ الإنساني، التي يعاني
شعبها الجوع والفقر الشديد والأزمات الخانقة التي تفوق طاقة البشر، وبرغم
هذا لم يثر الشعب عليها ولم يسقطها بل ما زال يحملها على الأعناق، برغم أن
الجميع يحاول جعلها السبب الرئيسي لما يعاني منه أهل غزة.
إنها فعلا عجيبة من عجائب الزمان، أن
تستمر حكومة تحت هذه الضغوط الهائلة، دون أن تسقط أو تسلم الراية، بل
ويحتضنها الشعب ويخفف هو عنها! وإذا سألتني ما هو سر هذا الصمود العجيب؟
قلت لك إنها -أولا- حكومة مرتبطة ارتباطا وثيقا بشعبها، فليس الشعب هو
وحده من يعاني –حال معظم الأقطار الأخرى عند الأزمات- بل إن أعضاء هذه
الحكومة في مقدمة من يدفع ضريبة الصمود من قوته ودمه وأبنائه.
ثانيا:
إن عمقهم الإستراتيجي الداعم لهم -كما يقول أهل السياسة– رأسي وليس
أفقيا!! أي سماوي الوجهة، رباني التوجه، خاصة بعد أن تنكر لهم الأخ
والصديق، وهذه هي الإجابة الوحيدة المقنعة لثبات هذه الحكومة المباركة.
منابع العظمة
العجيبة الثانية
من عجائب غزة، هي أهلها المرابطون الذين يثبتون كل يوم بأن منابع العظمة
لديهم لا تنضب بل هي دائمة التجدد، بل لعلي لا أكون مبالغا إذا قلت إن أهل
غزة الذين حاول البعض الصيد في الماء العكر وتصوير ما حدث على الحدود مع
مصر -من هدم للسور الحدودي وتدفق لأهل غزة على رفح المصرية لكسر الحصار-
بأنه منقصة وخطأ غير مقبول، أقولها بأعلى صوت بل إن ما حدث على الحدود
أثبت بشكل قاطع أن أهل غزة هم جزء من شعب يعد من أرقى شعوب الأرض.
وإذا سألت لماذا؟! قلت لك تخيل معي
شعبا محاصرا حصارا ظالما ومجحفا لا مثيل له في العالم -لا ماء ولا غذاء
ولا دواء ولا كهرباء ولا أي شيء على الإطلاق من مقومات الحياة الأساسية-،
وعندما تكسر الحدود ويتدفق مئات الآلاف على رفح المصرية في وقت واحد
للتزود بمقومات الحياة لم تسجل جريمة سرقة واحدة قام بها فلسطيني فى رفح،
لم تتعرض قافلة مساعدات واحدة للسلب والنهب، بل يضخ هذا الشعب الفقير
المحاصر مئات الملايين من الدولارات للاقتصاد المصري.
إنني أتحدى أن تذهب بسيارة تحمل
مساعدات إنسانية لأي دولة عربية تعاني الفقر، وتقف بها في ميدان عام وترى
ما سيحدث لها، ستختفي المساعدات فى لحظات بل ربما اختفت السيارة والسائق
أيضا! أخبرني بربك هل تعرف شعبا على وجه الأرض يصيبه كل هذا الظلم والبغي
والعدوان، ويتصرف بكل هذا الرقي والتحضر وعزة النفس، التي تناطح الجبال؟
نعم إن أهل غزة وخلفهم شعب فلسطين بكامله هم وحدهم عجيبة من عجائب الزمان
التي نقف أمامها كالتلاميذ الصغار نستلهم من صمودهم وجهادهم الدروس والعبر.
إنهم يتنفسون الإباء!
أما العجيبة الثالثة،
فتتمثل في ملحمة الصمود، التي تثير في النفس مشاعر من الإجلال والإكبار
حتى يظن المرء في بعض الأحيان أنهم يتنفسون الصمود والإباء كما نتنفس نحن
الهواء، إن الواحد منا في حياته العادية كثيرا ما يصيبه السخط إذا انقطعت
عنه الكهرباء أو الماء ساعات معدودة أو حدث ازدحام في الطريق أو خلل في
وسائل المواصلات، أما إذا فقدنا القريب أو الحبيب أو القريب، فلربما نظل
نبكيه شهورا طويلة.
أما في فلسطين، فإن منغصات الحياة تصبح
هي الأصل، وروتين الحياة اليومي الذي يحياه كل رجل وامرأة وطفل وشيخ، ليس
هذا فحسب بل إن حجم المعاناة لديهم يفوق ذلك أضعافا مضاعفة، فالحواجز
الإسرائيلية لا تنتهي أبدًا، إضافة إلى التفتيش الذاتي والاعتقالات
اليومية ونزيف الدماء المتصاعد يوما بعد يوم، مع حصار خانق وحانق يتجاوز
حدود الإنسانية عبر تاريخها الطويل، برغم كل هذا الضغط الهائل ما زال هذا
الشعب الصابر يضرب النموذج والقدوة لأمة بكاملها في صمود تنحني أمامه
الرءوس إكبارا، وصمود لا يعرف التنازل أو الانكسار.
مصانع الرجال وعبقرية البناء
تعد غزة، وهذه هي العجيبة الرابعة
لأهلها، بمثابة "مصانع للرجال"؛ إذ تشعر وأنت تشاهد أبطالها أنك أمام
نوعية متفردة من الرجال قلما يجود بهم زمان أو مكان، فملامح الشموخ ونظرات
العزة، التي تلمع في عيون الواحد منهم كافية لأن تطمئنك على مستقبل
المسيرة، بل تشعر أحيانا بالغيرة لأنك لست واحدا منهم، ولأنك ووطنك الذي
تعيش فيه تفتقدان إلى هذا الطراز النبيل من الأبطال، إلا فيما ندر.
والعجيب أنه برغم صغر أعمارهم فإنك
تشعر أن من يتحدث له حكمة الشيوخ التي مزجت بحماس الشباب، فضلا عن أن
أسماء مثل إسماعيل هنية ومحمود الزهار وخالد مشعل وموسى أبو مرزوق والشهيد
سعيد صيام، ومن الشباب سامي أبو زهري ومشير المصري وغيرهم الكثير والكثير
من أبطال فلسطين هم وحدهم عجيبة من عجائب الزمان فسلام لهم ألف سلام.
أما العجيبة الخامسة،
فتعبر عنها: عبقرية البناء التنظيمي الفريد لحركة المقاومة الإسلامية
"حماس" – ولا أدعي إحاطتي به- فالناظر إليه يستشعر أنه كيان متماسك يتلقى
الضربات القاتلة الواحدة تلو الأخرى، وهو راسخ كالجبال، فحركة حماس يتغلغل
تنظيمها العنكوبي في كل شبر من أرض فلسطين لا لحمل البندقية فقط ولكن لحمل
سماعة الطبيب أو قلم الكاتب أو كراسة التلميذ.
إنه كيان كان ولا يزال يصبغ كل مجالات
الحياة المختلفة في فلسطين من مدارس ومستشفيات وجمعيات خيرية ونوادٍ وجميع
أنشطة العمل الاجتماعي والخيري، ومن المذهل في هذا الكيان تماسكه وانضباطه
برغم حجم الضغوط الهائلة التي يتعرض لها كل يوم هذا فضلا عن الخسائر
الفادحة في صفوف قادته بشكل مستمر، فنحن كثيرا ما نقرأ أو نسمع عن حركات
انفرط عقدها بموت قادتها وتفرقت شيعا وأحزابا أما عجيبتنا هذه فهي أنه
كلما استشهد قائد خلفه ألف قائد حتى يخال المرء أنه أمام حركة كلها قادة،
اللهم لا حسد!
توظيف المتناقضات
العجيبة السادسة،
هي عبقرية الأداء؛ إذ استطاعت "حماس" بحرفية عالية تحسد عليها أن تتعامل
مع تناقضات عدة وظفتها جميعا لصالح مشروعها التحرري، فهي إخوانية الجذور
والتفكير والتنظيم، وبرغم هذا استطاعت أن تتعامل مع النظام المصري الذي
يكره الإخوان أكثر مما يكره إسرائيل، ونجحت في الحفاظ بمساحة معقولة من
العلاقة بين الطرفين، برغم مواقف النظام المصري، التي لا تشرّف أحدا، وفي
غالبها تصنف في خانة الضعف والانبطاح.
يضاف إلى ذلك، تعاملها مع سوريا بل
ووجود قادة الحركة الأساسيين في دمشق برغم وجود قانون يقضي بإعدام كل من
له صلة بالإخوان المسلمين! كذلك تعاملها مع الفصائل الفلسطينية المختلفة،
التي تختلف معها في الفكر والحركة والسلوك؛ إذ استطاعت حماس بحنكة بالغة
أن تحتفظ دائما بأجندة مشتركة يلتف الجميع حولها، ذلك كله إضافة إلى
تعاملها البالغ الذكاء مع قوى الصراع المختلفة في المنطقة، وقدرتها على
الاحتفاظ دائما بشعرة معاوية مع جميع الأطراف.
أما العجيبة السابعة
لغزة، فتتمثل في المقاومة المتجددة (صواريخ القسام، القنبلة البشرية، قناة
الأقصى)، وهذه هي مدافع حماس الثلاثة، وكل واحد منها إعجاز متفرد،
فالصواريخ التي تصنع وتطور من وقت لآخر لتثير الرعب الإسرائيلي برغم
البساطة الشديدة في صنعها، لكنها تستمد قوتها من إرادة صانعها ورعاية
السماء لها، ليصبح هذا الصاروخ المتواضع هو ميزان الرعب مع العدو الصهيوني.
أما القنبلة البشرية التي تخترق كل
الحواجز والاحتياطات الأمنية الشديدة ليصل الاستشهادي إلى مبتغاه، وينفجر
في وجه حفدة القردة والخنازير؛ إذ أن وصوله لهدفه معجزة وانفجاره معجزة،
تنحني لها رؤوس الرجال حياء منه، أما قناة الأقصى هذا الوليد الذي شب
كبيرا، لتتحول القناة في عدة شهور لا أقول سنين إلى قناة ذات مصداقية
عالية، برغم الضعف الشديد في إمكانياتها والظروف الأمنية والفنية الصعبة
التي تعمل خلالها، إلا أنها بعون الله استطاعت أن تلفت الأنظار بسرعة
كبيرة وتصبح في قائمة القنوات المفضلة لدى الشارع العربي الذي يتلهف على
إعلام مقاوم ونظيف، خاصة مع الكم الهائل من القنوات التي تملأ سماء العالم
العربي، وتهدم ولا تبني.
أعلم أن حماس وغزة ومن ورائهما كل
فلسطين: الأرض والإنسان والتاريخ لا تنضب عجائبهم؛ لأنهم صنع الله الذي
أتقن كل شيء صنعه، إنهم ينيرون لنا الدرب ويفسحون لنا الطريق ويخطبون فينا
خطبة بالغة بالفعل لا بالكلام، إن طريق النصر تعبده دموع الأسحار، وقطرات
الدماء في رابعة النهار، "فهل من متعظ"؟
منقول عن الدكتورصالح عبد الكريم.
تعارف البشر منذ عشرات السنين
على ما يسمى بعجائب الدنيا السبع، وهي أماكن بلغت القمة في الإبداع
الإنساني عبر التاريخ، وبعضها ما زال باقيا كشاهد حي على عبقرية وسمو
العقل البشري الذي خلقه الله فأبدعه وصوره، لكن الناظر إلى أرض غزة
المباركة بعين البصر والبصيرة سرعان ما يكتشف أنها حققت المدهش والعجيب
الذي سيتوقف التاريخ أمامه مبهورا بروعة الإنجاز وعبقرية الفعل.
ويمكن إجمال ذلك في عجائب سبع تفرد بها قطاع غزة:
أولها:
أن حكومة غزة -ربما- هي الحكومة الوحيدة في التاريخ الإنساني، التي يعاني
شعبها الجوع والفقر الشديد والأزمات الخانقة التي تفوق طاقة البشر، وبرغم
هذا لم يثر الشعب عليها ولم يسقطها بل ما زال يحملها على الأعناق، برغم أن
الجميع يحاول جعلها السبب الرئيسي لما يعاني منه أهل غزة.
إنها فعلا عجيبة من عجائب الزمان، أن
تستمر حكومة تحت هذه الضغوط الهائلة، دون أن تسقط أو تسلم الراية، بل
ويحتضنها الشعب ويخفف هو عنها! وإذا سألتني ما هو سر هذا الصمود العجيب؟
قلت لك إنها -أولا- حكومة مرتبطة ارتباطا وثيقا بشعبها، فليس الشعب هو
وحده من يعاني –حال معظم الأقطار الأخرى عند الأزمات- بل إن أعضاء هذه
الحكومة في مقدمة من يدفع ضريبة الصمود من قوته ودمه وأبنائه.
ثانيا:
إن عمقهم الإستراتيجي الداعم لهم -كما يقول أهل السياسة– رأسي وليس
أفقيا!! أي سماوي الوجهة، رباني التوجه، خاصة بعد أن تنكر لهم الأخ
والصديق، وهذه هي الإجابة الوحيدة المقنعة لثبات هذه الحكومة المباركة.
منابع العظمة
العجيبة الثانية
من عجائب غزة، هي أهلها المرابطون الذين يثبتون كل يوم بأن منابع العظمة
لديهم لا تنضب بل هي دائمة التجدد، بل لعلي لا أكون مبالغا إذا قلت إن أهل
غزة الذين حاول البعض الصيد في الماء العكر وتصوير ما حدث على الحدود مع
مصر -من هدم للسور الحدودي وتدفق لأهل غزة على رفح المصرية لكسر الحصار-
بأنه منقصة وخطأ غير مقبول، أقولها بأعلى صوت بل إن ما حدث على الحدود
أثبت بشكل قاطع أن أهل غزة هم جزء من شعب يعد من أرقى شعوب الأرض.
وإذا سألت لماذا؟! قلت لك تخيل معي
شعبا محاصرا حصارا ظالما ومجحفا لا مثيل له في العالم -لا ماء ولا غذاء
ولا دواء ولا كهرباء ولا أي شيء على الإطلاق من مقومات الحياة الأساسية-،
وعندما تكسر الحدود ويتدفق مئات الآلاف على رفح المصرية في وقت واحد
للتزود بمقومات الحياة لم تسجل جريمة سرقة واحدة قام بها فلسطيني فى رفح،
لم تتعرض قافلة مساعدات واحدة للسلب والنهب، بل يضخ هذا الشعب الفقير
المحاصر مئات الملايين من الدولارات للاقتصاد المصري.
إنني أتحدى أن تذهب بسيارة تحمل
مساعدات إنسانية لأي دولة عربية تعاني الفقر، وتقف بها في ميدان عام وترى
ما سيحدث لها، ستختفي المساعدات فى لحظات بل ربما اختفت السيارة والسائق
أيضا! أخبرني بربك هل تعرف شعبا على وجه الأرض يصيبه كل هذا الظلم والبغي
والعدوان، ويتصرف بكل هذا الرقي والتحضر وعزة النفس، التي تناطح الجبال؟
نعم إن أهل غزة وخلفهم شعب فلسطين بكامله هم وحدهم عجيبة من عجائب الزمان
التي نقف أمامها كالتلاميذ الصغار نستلهم من صمودهم وجهادهم الدروس والعبر.
إنهم يتنفسون الإباء!
أما العجيبة الثالثة،
فتتمثل في ملحمة الصمود، التي تثير في النفس مشاعر من الإجلال والإكبار
حتى يظن المرء في بعض الأحيان أنهم يتنفسون الصمود والإباء كما نتنفس نحن
الهواء، إن الواحد منا في حياته العادية كثيرا ما يصيبه السخط إذا انقطعت
عنه الكهرباء أو الماء ساعات معدودة أو حدث ازدحام في الطريق أو خلل في
وسائل المواصلات، أما إذا فقدنا القريب أو الحبيب أو القريب، فلربما نظل
نبكيه شهورا طويلة.
أما في فلسطين، فإن منغصات الحياة تصبح
هي الأصل، وروتين الحياة اليومي الذي يحياه كل رجل وامرأة وطفل وشيخ، ليس
هذا فحسب بل إن حجم المعاناة لديهم يفوق ذلك أضعافا مضاعفة، فالحواجز
الإسرائيلية لا تنتهي أبدًا، إضافة إلى التفتيش الذاتي والاعتقالات
اليومية ونزيف الدماء المتصاعد يوما بعد يوم، مع حصار خانق وحانق يتجاوز
حدود الإنسانية عبر تاريخها الطويل، برغم كل هذا الضغط الهائل ما زال هذا
الشعب الصابر يضرب النموذج والقدوة لأمة بكاملها في صمود تنحني أمامه
الرءوس إكبارا، وصمود لا يعرف التنازل أو الانكسار.
مصانع الرجال وعبقرية البناء
تعد غزة، وهذه هي العجيبة الرابعة
لأهلها، بمثابة "مصانع للرجال"؛ إذ تشعر وأنت تشاهد أبطالها أنك أمام
نوعية متفردة من الرجال قلما يجود بهم زمان أو مكان، فملامح الشموخ ونظرات
العزة، التي تلمع في عيون الواحد منهم كافية لأن تطمئنك على مستقبل
المسيرة، بل تشعر أحيانا بالغيرة لأنك لست واحدا منهم، ولأنك ووطنك الذي
تعيش فيه تفتقدان إلى هذا الطراز النبيل من الأبطال، إلا فيما ندر.
والعجيب أنه برغم صغر أعمارهم فإنك
تشعر أن من يتحدث له حكمة الشيوخ التي مزجت بحماس الشباب، فضلا عن أن
أسماء مثل إسماعيل هنية ومحمود الزهار وخالد مشعل وموسى أبو مرزوق والشهيد
سعيد صيام، ومن الشباب سامي أبو زهري ومشير المصري وغيرهم الكثير والكثير
من أبطال فلسطين هم وحدهم عجيبة من عجائب الزمان فسلام لهم ألف سلام.
أما العجيبة الخامسة،
فتعبر عنها: عبقرية البناء التنظيمي الفريد لحركة المقاومة الإسلامية
"حماس" – ولا أدعي إحاطتي به- فالناظر إليه يستشعر أنه كيان متماسك يتلقى
الضربات القاتلة الواحدة تلو الأخرى، وهو راسخ كالجبال، فحركة حماس يتغلغل
تنظيمها العنكوبي في كل شبر من أرض فلسطين لا لحمل البندقية فقط ولكن لحمل
سماعة الطبيب أو قلم الكاتب أو كراسة التلميذ.
إنه كيان كان ولا يزال يصبغ كل مجالات
الحياة المختلفة في فلسطين من مدارس ومستشفيات وجمعيات خيرية ونوادٍ وجميع
أنشطة العمل الاجتماعي والخيري، ومن المذهل في هذا الكيان تماسكه وانضباطه
برغم حجم الضغوط الهائلة التي يتعرض لها كل يوم هذا فضلا عن الخسائر
الفادحة في صفوف قادته بشكل مستمر، فنحن كثيرا ما نقرأ أو نسمع عن حركات
انفرط عقدها بموت قادتها وتفرقت شيعا وأحزابا أما عجيبتنا هذه فهي أنه
كلما استشهد قائد خلفه ألف قائد حتى يخال المرء أنه أمام حركة كلها قادة،
اللهم لا حسد!
توظيف المتناقضات
العجيبة السادسة،
هي عبقرية الأداء؛ إذ استطاعت "حماس" بحرفية عالية تحسد عليها أن تتعامل
مع تناقضات عدة وظفتها جميعا لصالح مشروعها التحرري، فهي إخوانية الجذور
والتفكير والتنظيم، وبرغم هذا استطاعت أن تتعامل مع النظام المصري الذي
يكره الإخوان أكثر مما يكره إسرائيل، ونجحت في الحفاظ بمساحة معقولة من
العلاقة بين الطرفين، برغم مواقف النظام المصري، التي لا تشرّف أحدا، وفي
غالبها تصنف في خانة الضعف والانبطاح.
يضاف إلى ذلك، تعاملها مع سوريا بل
ووجود قادة الحركة الأساسيين في دمشق برغم وجود قانون يقضي بإعدام كل من
له صلة بالإخوان المسلمين! كذلك تعاملها مع الفصائل الفلسطينية المختلفة،
التي تختلف معها في الفكر والحركة والسلوك؛ إذ استطاعت حماس بحنكة بالغة
أن تحتفظ دائما بأجندة مشتركة يلتف الجميع حولها، ذلك كله إضافة إلى
تعاملها البالغ الذكاء مع قوى الصراع المختلفة في المنطقة، وقدرتها على
الاحتفاظ دائما بشعرة معاوية مع جميع الأطراف.
أما العجيبة السابعة
لغزة، فتتمثل في المقاومة المتجددة (صواريخ القسام، القنبلة البشرية، قناة
الأقصى)، وهذه هي مدافع حماس الثلاثة، وكل واحد منها إعجاز متفرد،
فالصواريخ التي تصنع وتطور من وقت لآخر لتثير الرعب الإسرائيلي برغم
البساطة الشديدة في صنعها، لكنها تستمد قوتها من إرادة صانعها ورعاية
السماء لها، ليصبح هذا الصاروخ المتواضع هو ميزان الرعب مع العدو الصهيوني.
أما القنبلة البشرية التي تخترق كل
الحواجز والاحتياطات الأمنية الشديدة ليصل الاستشهادي إلى مبتغاه، وينفجر
في وجه حفدة القردة والخنازير؛ إذ أن وصوله لهدفه معجزة وانفجاره معجزة،
تنحني لها رؤوس الرجال حياء منه، أما قناة الأقصى هذا الوليد الذي شب
كبيرا، لتتحول القناة في عدة شهور لا أقول سنين إلى قناة ذات مصداقية
عالية، برغم الضعف الشديد في إمكانياتها والظروف الأمنية والفنية الصعبة
التي تعمل خلالها، إلا أنها بعون الله استطاعت أن تلفت الأنظار بسرعة
كبيرة وتصبح في قائمة القنوات المفضلة لدى الشارع العربي الذي يتلهف على
إعلام مقاوم ونظيف، خاصة مع الكم الهائل من القنوات التي تملأ سماء العالم
العربي، وتهدم ولا تبني.
أعلم أن حماس وغزة ومن ورائهما كل
فلسطين: الأرض والإنسان والتاريخ لا تنضب عجائبهم؛ لأنهم صنع الله الذي
أتقن كل شيء صنعه، إنهم ينيرون لنا الدرب ويفسحون لنا الطريق ويخطبون فينا
خطبة بالغة بالفعل لا بالكلام، إن طريق النصر تعبده دموع الأسحار، وقطرات
الدماء في رابعة النهار، "فهل من متعظ"؟
منقول عن الدكتورصالح عبد الكريم.
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى