- مريم البتولعضو مميز جدا
- بلدي :
عدد الرسائل : 345
الاقامة : الجزائر
المهنة / : استاذة في التعليم الثانوي......
مستوى العضو التعليمي / المؤهل التعليمي : خريجة جامعة( حاملة لشهادة الليسانس تخصص أدب عربي )
السٌّمعَة : 0
نقاط : 12405
تاريخ التسجيل : 02/03/2008
في رحاب قوله تعالى: { مَتَى نَصْرُ اللّهِ }
الأحد 6 فبراير - 13:11
في رحاب قوله تعالى: { مَتَى نَصْرُ اللّهِ }
في ظل هيمنة الباطل وانتشار سطوته على الأمم والشعوب، مع ما يقابله من استضعافٍ للأمم المسلمة، وانحسار نورها وخفوته، تتطلع كل نفس مؤمنة إلى ذلك اليوم الأبلج، الذي ترتفع فيه راية التوحيد خفاقةً في أرجاء المعمورة، وتنتشر فيه أنوار الحق تضيء للعالم الذي أثقلته قيود الكفر والطغيان .
ولكي تتحقق هذه الأماني الغالية يجب علينا أن نتلمّس طريق النصر والخلاص من هذا الواقع الكئيب،
ولا يكون ذلك إلا بالعودة إلى كتاب الله تعالى؛ لنأخذ منه السنن الكونية والنفسية لتحقيق الأمل المنشود؛ فلذلك:
اخترنا في هذا الصدد آيةً عظيمةً من كتاب الله تعالى، تصور حال الفئة المؤمنة وقت الشدة والأزمات، وهي قوله تعالى:
{مَتَى نَصْرُ اللّهِ} (البقرة:214)
لتكون منطلقاً للحديث عن هذه القضية المهمة .
يقول الله سبحانه في كتابه العزيز: {أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ الَّذِينَ خَلَوْاْ مِن قَبْلِكُم مَّسَّتْهُمُ الْبَأْسَاء وَالضَّرَّاء وَزُلْزِلُواْ حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللّهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللّهِ قَرِيبٌ} (البقرة:214)
هذه الآية الكريمة نزلت يوم الخندق، حينما عانى المسلمون أقسى لحظات الأذى النفسي والجسدي من البرد وضيق العيش، وتكالبت قوى الكفر عليهم لتزيل وجودهم، وتجعلهم أثراً بعد عين، وليس أبلغُ في وصف حالهم من قوله تعالى:
{إِذْ جَاؤُوكُم مِّن فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنكُمْ وَإِذْ زَاغَتْ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا* هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالًا شَدِيدًا} (الأحزاب:10-11)
وبالرغم من ذلك الهول الذي واجهه المسلمون فقد صبروا على ما أصابهم، وأدّوا ما أمرهم الله حتى جاءهم النصر المبين، واندحرت جيوش الكفر تجرّ أذيال الهزيمة، وتتجرّع كؤوس المهانة، وكانت تلك الواقعة درساً عظيماً للأمة المسلمة، كشفت بجلاء عن حقيقة النصر، والسبل التي تؤدي إليه .
ومن خلال فَهْمنا لذلك الدرس، نستطيع أن نجيب على تلك التساؤلات التي يرتفع صوتها بين الحين والآخر قائلةً: " أما آن للظلم أن يندحر ؟ أما آن للقيد أن ينكسر ؟ متى يأتي ذلك اليوم الذي يبزغ فيه فجر الإسلام، ويزول فيه ليل الظلم والطغيان ؟ "
أسئلة كثيرة تدور في الأذهان، وجوابها أن الله تعالى قضى بحكمته أن تكون المواجهة بين الحق والباطل سنةً كونيةً من سنن الحياة منذ عهد أبينا آدم عليه السلام وحتى يرث الله الأرض ومن عليها، لكن العاقبة للمتقين، والغلبة لله ولرسوله وللمؤمنين، وفي هذا يقول الله تعالى: {كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ} (21) سورة المجادلة}
وقال تعالى{وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ *إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنصُورُونَ * وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ}(الصافات:171-173)
وبشّر النبي صلى الله عليه وسلم أمته بذلك، فعن تميم الداري رضي الله عنه، قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ( ليبلغن هذا الأمر ما بلغ الليل والنهار، ولا يترك الله بيت مدرٍ ولا وبرٍ الا أدخله الله هذا الدين، بعزّ عزيز أو بذلّ ذليل، عزاً يعز الله به الإسلام، وذلاً يذل الله به الكفر ) رواه أحمد في " مسنده " و البيهقي في " سننه " .
وهذا النصر الذي وعد الله به عباده المؤمنين ليس مقتصراً على الدنيا فحسب، كما دلّ عليه قوله تعالى: {إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ} (غافر:51)
وقد يتساءل البعض فيقول:
" قد عُلِمَ أن بعض الأنبياء قتله قومه، كيحيى و زكريا عليهما السلام، ومنهم من ترك قومه مهاجراً كإبراهيم عليه السلام، فهل يتعارض ذلك مع ما جاء في الآية السابقة ؟ "
والجواب على ذلك أن نقول:
لا تعارض في ذلك أبداً؛ وذلك لأن الانتصار لأولئك الأنبياء قد حصل بعد مماتهم، كما فعل الله بقتلة يحيى و زكريا عليهما السلام، فقد سلّط الله عليهم من أعدائهم من يهينهم ويسفك دمائهم، وأما النمرود فقد أخذه الله أخذ جبّار منتقم، وانتصر الله لنبيه إبراهيم عليه السلام، وتحقق بذلك موعود الله تبارك وتعالى،
وفي " صحيح البخاري " عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( يقول الله تبارك وتعالى: من عادى لي ولياً فقدآذنته بالحرب ) رواه البخاري،
وهكذا نصر الله أنبياءه على من خالفهم وكذبهم، وجعل كلمته سبحانه هي العليا، وكلمة الذين كفروا السفلى، وأنجى الله تعالى المؤمنين من بين أظهرهم، ونصرهم على عدوهم .
ما سبق كان جواباً سريعاً يحسنه كل أحد، ولكن ليس هذا هو مكمن الأمر، وحقيقة السر، لقد أخبرنا الله عزوجل بقصة أصحاب الأخدود، حين قال تعالى في محكم كتابه{ إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ} (البروج:10)
إنها نهاية مؤلمة يتفطّر لها قلب كل مؤمن، ولا يملك عينه من الدمع عندما يتراءى له ذلك المشهد أمام مخيّلته، وبالرغم من ذلك لم يخبرنا الله تعالى بأنه أرسل جنوداً من السماء على أولئك القتلة المجرمين، ولم يخبرنا أيضاً بأنه خسف بهم الأرض أو أرسل عليهم حاصباً، كل هذا لم يخبرنا الله به، فأين النصر؟!!
إن الله عزوجل يريد أن يعلم الأمة درساً عظيماً، وأمرا جليلاً، ألا وهو: أن النصر لا يكون بالأسباب الظاهرة، والعقوبات العاجلة فحسب، لكن حقيقة النصر الثبات على المبادئ .
إن أولئك الشهداء المؤمنين قد انتصروا في حقيقة الأمر؛ لأنهم استطاعوا أن يثبتوا على مبدأ الإيمان مع كل تلك الخطوب العظيمة، والآلام الجسيمة، تلك هي حقيقة النصر التي يجب أن تتعلمها الأمة وتعيها جيداً .
على أن هذا النصر الظاهر قد يتأخر، ويستبطئه المؤمنون؛ لحكمة يريدها الله، ولأسباب لا يعقلها إلا من وهبه الله نظراً ثاقباً وفهماً عميقاً للأمور والأحداث، ومن تلك الأسباب كون الأمة الإسلامية غير مؤهلة لحمل راية الإسلام، فلو نالت النصر لفقدته سريعاً، لعدم قدرتها على حمايته طويلاً،
وقد يبطيء النصر لأن الله سبحانه يريد من المؤمنين أن يزيدوا صلتهم بالله، ويجردوا نواياهم من كل ما يشوبها من حب للظهور أو طلبٍ لأطماع دنيوية أو مآرب شخصية، فإذا توافرت أسباب النصر عند الأمة كانت الأمة جديرة بنصر الله تعالى لها، ومن ناحية أخرى قد يتأخر النصر؛ لأن الباطل الذي تحاربه الفئة المؤمنة لم تنكشف حقيقته للبسطاء من الناس، وبالتالي لم يقتنعوا بعدُ بفساده، وضرورة زواله، فيحتاج الأمر إلى مزيد من الوقت والجهد لكشف زيفه، وبيان بطلانه، كي يتقبّل الناس ذلك النصر، ويكون له أعظم الأثر في نفوسهم بعدما تبيّنت لهم حقيقة الباطل، وأثره السيء على دينهم ودنياهم. فإذا غلبه المؤمنون حينئذٍ لم يجد من يذرف الدموع عليه، ويأسف على زواله .
وخلاصة القول:
إن الله سبحانه وتعالى سوف يعلي كلمته، وينصر دينه، ولن يتم ذلك إلا بالأخذ بأسباب النصر، وعوامل تحققه، ومهما طال ليل الهزيمة، فإن فجر النصر آت بإذن الله ووعده، وحينئذٍ يفرح المؤمنون بنصر الله، ويتم الله الأمر لهم، وتنتشر الدعوة المحمدية في مشارق الأرض ومغاربها، نسأل الله تعالى أن يرينا ذلك اليوم، وما ذلك على الله بعزيز .
منقول
في ظل هيمنة الباطل وانتشار سطوته على الأمم والشعوب، مع ما يقابله من استضعافٍ للأمم المسلمة، وانحسار نورها وخفوته، تتطلع كل نفس مؤمنة إلى ذلك اليوم الأبلج، الذي ترتفع فيه راية التوحيد خفاقةً في أرجاء المعمورة، وتنتشر فيه أنوار الحق تضيء للعالم الذي أثقلته قيود الكفر والطغيان .
ولكي تتحقق هذه الأماني الغالية يجب علينا أن نتلمّس طريق النصر والخلاص من هذا الواقع الكئيب،
ولا يكون ذلك إلا بالعودة إلى كتاب الله تعالى؛ لنأخذ منه السنن الكونية والنفسية لتحقيق الأمل المنشود؛ فلذلك:
اخترنا في هذا الصدد آيةً عظيمةً من كتاب الله تعالى، تصور حال الفئة المؤمنة وقت الشدة والأزمات، وهي قوله تعالى:
{مَتَى نَصْرُ اللّهِ} (البقرة:214)
لتكون منطلقاً للحديث عن هذه القضية المهمة .
يقول الله سبحانه في كتابه العزيز: {أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ الَّذِينَ خَلَوْاْ مِن قَبْلِكُم مَّسَّتْهُمُ الْبَأْسَاء وَالضَّرَّاء وَزُلْزِلُواْ حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللّهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللّهِ قَرِيبٌ} (البقرة:214)
هذه الآية الكريمة نزلت يوم الخندق، حينما عانى المسلمون أقسى لحظات الأذى النفسي والجسدي من البرد وضيق العيش، وتكالبت قوى الكفر عليهم لتزيل وجودهم، وتجعلهم أثراً بعد عين، وليس أبلغُ في وصف حالهم من قوله تعالى:
{إِذْ جَاؤُوكُم مِّن فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنكُمْ وَإِذْ زَاغَتْ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا* هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالًا شَدِيدًا} (الأحزاب:10-11)
وبالرغم من ذلك الهول الذي واجهه المسلمون فقد صبروا على ما أصابهم، وأدّوا ما أمرهم الله حتى جاءهم النصر المبين، واندحرت جيوش الكفر تجرّ أذيال الهزيمة، وتتجرّع كؤوس المهانة، وكانت تلك الواقعة درساً عظيماً للأمة المسلمة، كشفت بجلاء عن حقيقة النصر، والسبل التي تؤدي إليه .
ومن خلال فَهْمنا لذلك الدرس، نستطيع أن نجيب على تلك التساؤلات التي يرتفع صوتها بين الحين والآخر قائلةً: " أما آن للظلم أن يندحر ؟ أما آن للقيد أن ينكسر ؟ متى يأتي ذلك اليوم الذي يبزغ فيه فجر الإسلام، ويزول فيه ليل الظلم والطغيان ؟ "
أسئلة كثيرة تدور في الأذهان، وجوابها أن الله تعالى قضى بحكمته أن تكون المواجهة بين الحق والباطل سنةً كونيةً من سنن الحياة منذ عهد أبينا آدم عليه السلام وحتى يرث الله الأرض ومن عليها، لكن العاقبة للمتقين، والغلبة لله ولرسوله وللمؤمنين، وفي هذا يقول الله تعالى: {كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ} (21) سورة المجادلة}
وقال تعالى{وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ *إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنصُورُونَ * وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ}(الصافات:171-173)
وبشّر النبي صلى الله عليه وسلم أمته بذلك، فعن تميم الداري رضي الله عنه، قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ( ليبلغن هذا الأمر ما بلغ الليل والنهار، ولا يترك الله بيت مدرٍ ولا وبرٍ الا أدخله الله هذا الدين، بعزّ عزيز أو بذلّ ذليل، عزاً يعز الله به الإسلام، وذلاً يذل الله به الكفر ) رواه أحمد في " مسنده " و البيهقي في " سننه " .
وهذا النصر الذي وعد الله به عباده المؤمنين ليس مقتصراً على الدنيا فحسب، كما دلّ عليه قوله تعالى: {إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ} (غافر:51)
وقد يتساءل البعض فيقول:
" قد عُلِمَ أن بعض الأنبياء قتله قومه، كيحيى و زكريا عليهما السلام، ومنهم من ترك قومه مهاجراً كإبراهيم عليه السلام، فهل يتعارض ذلك مع ما جاء في الآية السابقة ؟ "
والجواب على ذلك أن نقول:
لا تعارض في ذلك أبداً؛ وذلك لأن الانتصار لأولئك الأنبياء قد حصل بعد مماتهم، كما فعل الله بقتلة يحيى و زكريا عليهما السلام، فقد سلّط الله عليهم من أعدائهم من يهينهم ويسفك دمائهم، وأما النمرود فقد أخذه الله أخذ جبّار منتقم، وانتصر الله لنبيه إبراهيم عليه السلام، وتحقق بذلك موعود الله تبارك وتعالى،
وفي " صحيح البخاري " عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( يقول الله تبارك وتعالى: من عادى لي ولياً فقدآذنته بالحرب ) رواه البخاري،
وهكذا نصر الله أنبياءه على من خالفهم وكذبهم، وجعل كلمته سبحانه هي العليا، وكلمة الذين كفروا السفلى، وأنجى الله تعالى المؤمنين من بين أظهرهم، ونصرهم على عدوهم .
ما سبق كان جواباً سريعاً يحسنه كل أحد، ولكن ليس هذا هو مكمن الأمر، وحقيقة السر، لقد أخبرنا الله عزوجل بقصة أصحاب الأخدود، حين قال تعالى في محكم كتابه{ إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ} (البروج:10)
إنها نهاية مؤلمة يتفطّر لها قلب كل مؤمن، ولا يملك عينه من الدمع عندما يتراءى له ذلك المشهد أمام مخيّلته، وبالرغم من ذلك لم يخبرنا الله تعالى بأنه أرسل جنوداً من السماء على أولئك القتلة المجرمين، ولم يخبرنا أيضاً بأنه خسف بهم الأرض أو أرسل عليهم حاصباً، كل هذا لم يخبرنا الله به، فأين النصر؟!!
إن الله عزوجل يريد أن يعلم الأمة درساً عظيماً، وأمرا جليلاً، ألا وهو: أن النصر لا يكون بالأسباب الظاهرة، والعقوبات العاجلة فحسب، لكن حقيقة النصر الثبات على المبادئ .
إن أولئك الشهداء المؤمنين قد انتصروا في حقيقة الأمر؛ لأنهم استطاعوا أن يثبتوا على مبدأ الإيمان مع كل تلك الخطوب العظيمة، والآلام الجسيمة، تلك هي حقيقة النصر التي يجب أن تتعلمها الأمة وتعيها جيداً .
على أن هذا النصر الظاهر قد يتأخر، ويستبطئه المؤمنون؛ لحكمة يريدها الله، ولأسباب لا يعقلها إلا من وهبه الله نظراً ثاقباً وفهماً عميقاً للأمور والأحداث، ومن تلك الأسباب كون الأمة الإسلامية غير مؤهلة لحمل راية الإسلام، فلو نالت النصر لفقدته سريعاً، لعدم قدرتها على حمايته طويلاً،
وقد يبطيء النصر لأن الله سبحانه يريد من المؤمنين أن يزيدوا صلتهم بالله، ويجردوا نواياهم من كل ما يشوبها من حب للظهور أو طلبٍ لأطماع دنيوية أو مآرب شخصية، فإذا توافرت أسباب النصر عند الأمة كانت الأمة جديرة بنصر الله تعالى لها، ومن ناحية أخرى قد يتأخر النصر؛ لأن الباطل الذي تحاربه الفئة المؤمنة لم تنكشف حقيقته للبسطاء من الناس، وبالتالي لم يقتنعوا بعدُ بفساده، وضرورة زواله، فيحتاج الأمر إلى مزيد من الوقت والجهد لكشف زيفه، وبيان بطلانه، كي يتقبّل الناس ذلك النصر، ويكون له أعظم الأثر في نفوسهم بعدما تبيّنت لهم حقيقة الباطل، وأثره السيء على دينهم ودنياهم. فإذا غلبه المؤمنون حينئذٍ لم يجد من يذرف الدموع عليه، ويأسف على زواله .
وخلاصة القول:
إن الله سبحانه وتعالى سوف يعلي كلمته، وينصر دينه، ولن يتم ذلك إلا بالأخذ بأسباب النصر، وعوامل تحققه، ومهما طال ليل الهزيمة، فإن فجر النصر آت بإذن الله ووعده، وحينئذٍ يفرح المؤمنون بنصر الله، ويتم الله الأمر لهم، وتنتشر الدعوة المحمدية في مشارق الأرض ومغاربها، نسأل الله تعالى أن يرينا ذلك اليوم، وما ذلك على الله بعزيز .
منقول
- الحياة في رحاب الله
- آلاف المعلمين توافدوا لقضاء آخر «عيد» لهم في رحاب المدينة المنورة
- درر من أقوال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى......
- انشرها لوجه الله تعالى دون تردد فقد تنفعك بعد مماتك ....
- من حكم الله تعالى في ابتلاء المؤمنين بالكافرين وتمكينهم من الإضرار بهم ( من روائع العلامة أبي عبد الله رحمه الله
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى