جامعة الملك فهد، ضوء في العتمة...

جامعة الملك فهد، ضوء في العتمة...

الدكتور فؤاد محمد السني * - « صحيفة اليوم » - 16 / 10 / 2008م - 12:49 م
خبر حصول جامعة الملك فهد على مركزها المتقدم بين جامعات العالم في تصنيف التايمز، هو محطة للتوقف، ومدعاة للتأمل، ودعوة للمزيد من توسيع دائرة الضوء التي مثلها انجازها هذا، للتغلب على عتمة عاشها العرب طويلا. عتمة علامتها البارزة أن لا حضورا علميا ولا حضورا تقنيا ولا حضورا أو عطاء علميا أوثقافيا أو انسانيا على مدى قرون طويلة. قرون طويلة عاشها، ولا يزال يعيشها اغلب العرب، في سبات وراحة بعيدين عن كتابة الحاضر فضلا عن المستقبل. قرون استمتع فيها العرب طويلا باجازة فكرهم وعقلهم وهممهم ولا زالت تستمر حتى اليوم، وكل الشواهد تدل على انها ستستمر طويلا في المستقبل.

خبر حصول جامعة الملك فهد على المركز 338 مع حساب التكرار، والمركز 255 بدون حسابه، على قائمة أفضل جامعات العالم العالمية، بمعايير علمية تحترمها الاوساط الأكاديمية، مدعاة للفخر بإنجاز دفع، للأسفل، بجامعات يطول ذكر اسمائها لكثرتها. ويصعب تجاهل ذكرها في فضاء الجامعات الواسع لتميزها. جامعات عدة من اوروبا ومن امريكا ومن آسيا ومن غيرها، يشار دوما لها بالبنان بأنها متميزة، وإذا بها تفسح المجال لجامعة الفهد وتتواضع في مكانتها أمامها.

خبر حصول جامعة الملك فهد على المركز المتقدم هذا وتربعها في المركز الاول عربيا، جاء من جهة دأبت على القيام بتصنيفها سنين طويلة، وبكل مهنية. فبعض الجامعات التي يشار لها دوما بعلو مكانتها، ترى أن وجودها في قائمة الأربعمائة هو في حد ذاته إنجاز كبير. ليأتي خبر إنجاز جامعة الملك فهد هذا، مدعاة للاعتزاز بجهد تكاتف في إخراجه الى النور الباحث وهو يقلب كتبه واوراقه لينتج الجديد ويبدع ويبتكر. كما شارك في إخراج هذا الانجاز، الأستاذ المتوجه لنقل ما اكتسبه من علم، الى الاجيال الشابة المتدافعة على الجامعة عبر السنوات.

وشارك في الإنجاز، كل إداري وموظف في صرح العلم الذي يفتخر به الآن ومن قبل، كل المنتمين له وكل المهتمين بالعلم. وبطبيعة الحال، لمن يقود دفة الجامعة مشاركته في هذا الإنجاز. نعم إنه إنجاز التكامل والتكاتف بين الإداري والأكاديمي، وبين الفني والباحث والمعلم، إنه انجاز الرئيس والمدير والمرؤوس. إنه انجاز مجتمع جامعة الملك فهد، بطلابه ومدرسيه وعلمائه وادارييه وفنييه وموظفي أمنه وعماله. ويحق لهم جميعا أن يستشعروا أن لكل واحد منهم نصيبا مما أنجز.

وخبر الإنجاز هذا، يرسم طريقا بأن تكاتف الجهود وتكامل الموارد يمكن له أن يحقق الكثير. فالضوء الذي شكله هذا الإنجاز في دائرة كبيرة من العتمة العربية، يدفع لمزيد من اتساع بقعة الضوء وتزايد بقع الضوء لتتقلص العتمة ويعم العالم العربي الضوء الواعد بمستقبل ينفض غبارا تراكم، وسباتا طال، وانكسارا تأصل.

مع الإنجاز هذا، الآمال تكبر في أن نتمكن من التغلب على واقع همش فيه العرب طويلا، بل همشوا انفسهم. فهاهي الايام هذه، تمر ومع مرور كل يوم يعلن اسم فائز بجائزة نوبيل العالمية بدون أن يكون للعرب منها النصيب، ولا ترقب ولا حبس للانفاس من قبلهم لعل يكون أحد من يعلن يحمل اسم العرب.

نتأمل أن يكون التقدم الى المركز هذا، مدعاة لأن يحمل المستقبل القريب ترقبا وحبسا للأنفاس من قبل منسوبي جامعة الملك فهد لعل بعض الأسماء التي تذاع في قائمة الحاصلين على جوائز نوبيل العالمية هو أحد منسوبيها.