سؤال عالماشي - جامعات - موفق مطر

سؤال عالماشي - جامعات

يجب على القوى السياسية المتنافسة على الاستحواذ على أكبر قدر من القاعدة الطلابية في الجامعات الفلسطينية أن تدرك أن طرق تعاملها مع المؤسسة التربوية التعليمية بهذا النمط سيجلب الخراب والدمار لصروح العلم (الجامعات) فأهم سلاح (العلم) ندافع بمنطقه وحقائقه عن وجودنا وحقوقنا في الحرية والحياة يتعرض لتشققات وانهيارات متتابعة منذ سنوات فيما القيادات والزعامات السياسية وأولو الأمر، وأولياء الأمور تشغلهم المباطحة، المناكفات والصراعات على وهم اسمه السلطة .. فالانتصار لمكانة المعلم (الذي كاد أن يكون رسولا )، وهيبته وكرامته، يعني بالدرجة الأولى عدم الانحياز للفوضى والشغب، ورفع الغطاء التنظيمي عن الطلبة المشاغبين والفوضويين وفصلهم من الإطار التنظيمي بعد ثبوت الاتهامات عليهم بالدليل القاطع.
قد يذهب في ظن بعض مسؤولي مراكز القوى في الحركات أو الأحزاب أو الجماعة أن الافتخار بقدرة طلبة ينتمون لإطارهم التنظيمي على فرض نوع من الهيمنة على إطارات طلابية أو على جموع الطلبة المستقلين بقوة السلاح الأبيض والأسود أو بكليهما معا، أو بقوة عضلات الدعم المعنوي والمادي وأن هذا سيوسع دائرة الأنصار والشعبية، لكن تراكم هذا الظن سيتحول مع الأيام والسنين إلى مادة صلبة تسقط مرة واحدة على "دماغ الوطن".
لن تقوم لنا قائمة إذا حدث هذا التحول على مستوى مئات الآلاف من أبنائنا الذين يرقى منهم إلى صروح العلم العليا (الجامعات) عشرات الآلاف مطلع كل عام دراسي، هنا يجب ألا ننسى بأن بوادر هذا التحول تظهر في المراحل الإعدادية، وبشكل خاص في الثانوية !.
كلنا سنتحمل المسؤولية -بدون استثناء - إذا ما قررت الجامعات العربية والعالمية تجميد الاعتراف بشهادات جامعاتنا الوطنية، فالعالم يتابعنا بمنظار تلسكوبي يبين أدق التفاصيل في حياتنا، ليس السياسية وحسب بل التعليمية والصحية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية، فهذه الأمور وخاصة للذين يرون في الشعب الفلسطيني خطرا على مشروعهم الاستيطاني على أرضنا هي أخطر عليهم من فهلوة السياسيين، وبهلوانية خطابهم السياسي، وأخطر عليهم من صور وأفلام المناورات المسلحة والمظاهر العسكرية، وعليه فان كل من يعرف ويعلم بموضع فيروس هذا الورم السرطاني ويطبق على لسانه أو يصم أذنية أو يكف بصره هو شريك بمؤامرة تستهدف تقديم الشخصية الفلسطينية بصورة تتناقض مع الصورة النموذجية للشخصية الإنسانية المعاصرة، فاذا اعتقد هذا المسؤول الآن انه قد حقق مكسبا ما، فانه غدا قد لا يجد متسعا من الوقت ليلوم نفسه أو يراجعها عما فعلت يداه وظلمت نفسه.
لا يتعلق الأمر بتحديد المسؤولية عن حدث هنا أو هناك، فهذه من مهام السلطات المختصة التي يجب أن نثق بأحكامها وخلاصات تحقيقاتها، ونقدم الدعم لقراراتها. وإنما يتعلق بمدى إصرار أولي أمر السياسة والقيادة والزعامة وأولياء الأمور على اقتلاع ظاهرة العنف من الجامعات والمدارس من جذورها، ونشر ثقافة الحوار والتواصل السلمي بين روادها.
قد يفيد الاتفاق السياسي في تخفيف مظاهر هذا العنف لكنه يبعثه في إجازة غير محددة إلى الظل، لكن الخطر سيبقى كامنا، فالحلول المؤقتة، والاتفاقات، والتفاهمات بمثابة جرعات مهدئة، لكنها لا تساعد على الشفاء من أخطر مرض يهدد صيغة التعايش بمجتمعنا، فالحل كما نراه أن يبدأ المنظرون الموجهون والمرشدون في كل حركة أو حزب أو تنظيم بقلع أشواك العنف التي غرسوها في قلوب أفراد التنظيم.
أنقذوهم يا أولي الأمر ويا أولياء الأمور فإنهم فلذات أكبادنا حتى ولو كانوا قاب قوسين أو أدنى من التخرج من الجامعات. فالأولى تعليمهم صور المحبة والسلام في مدرسة الحياة والشراكة على أرض الوطن، حينها سيكون لشهادات الجامعات قيمة ومعنى.